الاسم: مركز الصادقين (عليهما السلام) للبحوث والدراسات والحقيق.
اسم الكتاب: موقف جعفر الصادق وعليّ الرضا من علم الكلام واستدلال
العقلي.
رقم الإصدار: الثامن.
رقم الطبعة: الأولى.
القسم: قسم الحداثة والاستشراق.
المؤلف: بنيامين ابراموف (جامعة بار ايلان).
نبذة عن الكتاب
مقدمة المركز:
الحمد لله الذي فطر الخلائق بقدرته، وأحسن كلّ شيء خلَقه، وبدأ خلق
الإنسان من طين، فكان خلقه في أحسن تقويم، والحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم
الإنسان ما لم يعلم.
والصلاة والسلام على خير من خلق، وسادة من فلق، محمّد المصطفى وآله
سادات الورى عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه أبدًا.
أمَّا بعد: فإنّا إذا نظرنا إلى الاستشراق بشكل عامّ فإنَّه وبلحاظ
توجهاته الفكرية المرتبطة به، والتي تشير بشكل واضح إلى اهتمامه بالدراسات الشرقية
وحضارتها بشكل عامّ، والديانة الإسلامية بشكل خاصّ.
ومن المعلوم أنَّه كانت بدايات الدراسات الاستشراقية محصورة في دراسة
اللغة العربية، ووجدت بعض الدراسات في علوم أخرى مثل دراسات الشعوب الشرقية كدراسة
التقاليد والأعراف والقيم وغير ذلك، وعلى ذلك، فالاستشراق هو حصيلة ما توصّل إليه
المتخصّصون من تلك الدراسات والنتائج التي تمخضت منهم في تتبعهم للإسلام والشرق
بشكل أوسع، فالاستشراق وما نتج عنه يعدُّ من المسائل المهمّة جدًّا، فهو يحمل في
طياته تاريخًا من الصراعات والايديولوجيات، قد كانت تُعبّر عن نمط من النظر، وإن
كانت في بعض الأحيان تكتسب طابع السطحية، وفي بعض آخر تأخذ الانحياز الشخصي أو
السلطوي أو الديني المذهبي.
وقد كان لبعض المستشرقين تخصص في مجالات عدّة، وآراؤهم تحتاج إلى
التأمّل والتصويب أو الردّ والنقاش، فالاستشراق في عصوره الأولى كان مبنيًا على
التشويه، ونشر العداء، وبالتالي فأغلب اسهاماتهم تحتاج إلى التأمّل والنظر الدقيق،
والبحث في محتوى آرائهم، ووضع اليد على الغريب منه، وما فيه من الشبهات؛ لأجل
تصحيحها بعد إبراز الزيف فيها، مستندين على الدليل والبرهان في بيان الحقائق ما
أمكننا ووفَّقنا الله تعالى.
وقد سعى الكثير من العلماء والمراكز البحثية لبذل الجهد والوسع في
بيان بطلان ما يحمله بعض المستشرقين من الأفكار السلبية تجاه الإسلام بشكل عامّ،
وتجاه التشيّع بشكل خاصّ، فتجد هناك بحوثًا متنوعة انتجتها هذه الدراسات والبحوث،
والتي تناولت آراء المستشرقين ورجالاته، ومع كلّ هذه الجهود الكبيرة ما زال هناك
الكثير من البحوث الاستشراقية تحتاج إلى التنقيح والنقد، وتحتاج إلى الجهود
المضنية.
ومن هنا كان للعتبة العباسية المقدسة حضورها الواضح في هذا المجال،
فقد وضعت بصماتها فيما يرتبط بالاستشراق، وذلك بتأسيس عدة مراكز علمية وبحثية،
وكان من هذه المراكز هو مركزنا المبارك مركز الصادقين (عليهما السلام) للدراسات
والبحوث والتحقيق، وقد تمَّ تخصيص قسم خاصّ بالاستشراق والحداثة، وعني هذا القسم
بالعمل على جمع كلّ ما يرتبط بالإمامين الصادقين – محمّد الباقر وجعفر الصادق – (عليهما
السلام) في كلمات المستشرقين والحداثيين؛ لأجل أنْ يكون منطلقا بحثيًا، وقد تمّ فعلًا
رصد الكثير من الكتب والبحوث والمقالات في الصادقين (عليهما السلام)، ونعمل بدقّة
على دراسة هذه الكتابات والاطّلاع على آراء المستشرقين وتقييمها تقييما دقيقًا،
والعمل على شرح وبيان هذه الآراء، وقد شمَّر العاملون عن سواعدهم في متابعة هذه
البحوث نقدًا وتحقيقًا وتعليقًا.
ومن هؤلاء المستشرقين
المعاصرين والذين كان لهم بحث تناول فيه الكلام عن الإمام جعفر الصادق، وعلي الرضا
(عليهما السلام) وهو المستشرق بنيامين ابراهاموف، وهو أحد الأساتذة في علم الكلام
والتصوّف الإسلامي والدراسات القرآنية، فقد كانت كتاباته هي خلاصة أبحاث متخصصة في
التاريخ الإسلامي وعلم الكلام، وقد تطرق بها إلى الاختلافات والخلافات التي مرّت
في مرحلة التأسيس والتطوّر ( ).
وقد وقع اختيارنا على هذا البحث والموسوم بـ (موقف جعفر الصادق وعليّ
الرضا من الكلام والتفكير العقلاني)، وهذا البحث موجود باللغة الإنكليزية، وقد
حصلنا على البحث من مجلّة دراسات القدس، وقد تمَّ نشر البحث في سنة ٢٠٠٦م ( )، وقد
تمّت ترجمته في قسمنا بالاستعانة بكوادر متخصصة وذات معرفة وكفاءة.
وسنقف في هذا البحث على ما
توصّل إليه المستشرق من متابعة بعض الروايات الواردة عن الإمامين جعفر الصادق
وعليّ الرضا (عليهما السلام) والمرتبطة بعلم الكلام، والطريقة العقلانية التي
نهجها الإمامان (عليهما السلام) في بيان المسائل الكلامية الدقيقة، وحوارهم العلمي
والموضوعي مع الآخرين.
وهذا البحث مع دقّته وأهمّيته إلاّ أنّه لا يخلو من الإخفاقات التي
تحتاج إلى التعليق مّرة والى البيان أخرى، ومن هنا كان منهجنا في هذا البحث هو
تقصي كلّ ما كتبه المستشرق والتعليق عليه في مواطن الحاجة، فقد يذكر بعض المطالب
المهمّة بإيجاز وحقّها البيان والإطناب، أو نجده مشتبهًا في بعض المطالب المرتبطة
بالتشيّع بشكل خاصّ، أو الإسلام بشكل عامّ، فنقف عندها ونبيّن ما يرفع اشتباهه
وتوهّمه، وأضفنا في مواطن كثيرة بعض الروايات المهمّة التي قد يشير إليها، أو
ينقلها بالمضمون، وقمنا بإثراء البحث بمصادر أخرى نافعة للباحثين.
وقد نهجنا في بيان هذه الأمور بإضافة هوامش مع هوامش المؤلّف،
وميَّزنا هوامش المؤلّف بكتابة كلمة (المؤلِّف) في آخر الهامش.
وهناك بعض الموارد التي يمرّ بها الباحث بشكل مقتضب جدّا مع الحاجة
الكبيرة إلى التفصيل والبيان بشكل قد يخرج عن كونه هامشًا، ومن هنا فقد أفردنا له
مُلحقًا خاصًا في آخر البحث؛ لأجل إثراء البحث أكثر، وزيادة في الفائدة، وبّينّا
في الهامش شيئًا إجماليًا عنه وأحلنا القارئ إلى الملحق الخاصّ به؛ كي لا يكون
الهامش كبيرًا يبعد القارئ الكريم عن البحث وتسلسله.
وختامًا نتوجه بالشكر الجزيل إلى كلّ من ساهم في كتابة وإعداد هذا
البحث في مركز الصادقين (عليهما السلام) وفي قسم الاستشراق، ونخصّ بالشكر والثناء
الباحث الذي سطرت يراعه هذه التعليقات، وتحقيق النصّ بما يحتاجه من تخريج الآيات
والروايات وغير ذلك، وكذا جهده الملحوظ في كتابة الملحقات، والتي سدّتْ نقص البحث،
وأثرت جوانبه، وجهوده المشكورة في تقويم البحث وتصحيحه، وهو جناب الشيخ الكريم
الدكتور ثامر عبد المهدي التميمي، وكذلك نتوجه بالشكر الجزيل إلى المترجم في قسمنا
– قسم الاستشراق والحداثة – الأخ الدكتور منتظر الكعبي على جهوده الكبيرة في ترجمة
البحث من لغته الإنكليزية، ومراجعته وتصحيح ما أشكل علينا في بعض زواياه.
وبعد هذا كلّه وتلك الجهود في مركز الصادقين (عليهما السلام) كان هذا
البحث الذي بين أياديكم الكريمة وبحلّته الجديدة، عسى أنْ يفي في بيان الشيء
اليسير من مقام أهل البيت (عليهم السلام)، نُقدّمه ونسأل الله تعالى أن ينفعنا
بهذا العمل، ويكون لنا ذخرًا بين يدي أئمّتنا (عليهم السلام)، وآخر دعوانا أن
الحمد لله ربّ العالمينَ والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبّين الطاهرين.